کد مطلب:109872 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:144

خطبه 154-در آفرینش خفاش











ومن خطبة له(علیه السلام)

یذكر فیها بدیع خلقة الخفاش

حمد الله وتنزیهه

الْحَمْدُ للهِِ الَّذِی انْحَسَرَتِ الْأَوْصَافُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِهِ، وَرَدَعَتْ عَظَمَتُهُ الْعُقُولَ، فَلَمْ تَجِدْ مَسَاغاً إِلَی بُلُوغِ غَایَةِ مَلَكُوتِهِ! هَوَ اللهُ الْحَقُّ الْمُبِینُ، أَحَقُّ وَأَبْیَنُ مِمَّا تَرَی الْعُیُونُ، لَمْ تَبْلُغْهُ الْعُقُولُ بِتَحْدِیدٍ فَیَكُونَ مُشَبَّهاً، وَلَمْ تَقَعْ عَلَیْهِ الْأَوْهَامُ بِتَقْدِیرٍ فَیَكُونَ مُمَثَّلاً. خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَی غَیْرِ تَمْثِیلٍ، وَلاَ مَشُورَةِ مُشِیرٍ، وَلاَ مَعُونَةِ مُعِیٍن، فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ، وَأَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ، فَأَجَابَ وَلَمْ یُدَافِعْ، وَانْقَادَ وَلَمْ یُنَازِعْ.

خلقة الخفاش

وَمِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ، وَعَجَائِبِ خِلْقَتِهِ، مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ الْحِكْمَةِ فِی هذِهِ الْخَفَافِیشِ الَّتِی یَقْبِضُهَا الضِّیَاءُ الْبَاسِطُ لِكُلِّ شَیْءٍ، وَیَبْسُطُهَا الظَّلاَمُ الْقَابِضُ لِكُلِّ حَیٍّ، وَكَیْفَ عَشِیَتْ أَعْیُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِیئَةِ نُوراً تَهْتَدِی بِهِ فِی مَذَاهِبِهَا، وَتَتَّصِلُ بِعَلاَنِیَةِ بُرْهَانِ الشَّمْسِ إِلَی مَعَارِفِهَا. وَرَدَعَهَا بِتَلاَْلُؤِ ضِیَائِهَا عَنِ الْمُضِیِّ فِی سُبُحَاتِ إِشْرَاقِهَا، وَأَكَنَّهَا فِی مَكَامِنِهَا عَنِ الذَّهَابِ فِی بُلَجِ ائْتِلاَقِهَا، فَهِیَ مُسْدَلَةُ الْجُفُونِ بَالنَّهَارِ عَلَی حِدَاقِهَا، وَجَاعِلَةُ اللَّیْلِ سِرَاجاً تَسْتَدِلُّ بِهِ فی الْتَِماسِ أَرْزَاقِهَا; فَلاَ یَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَافُ ظُلْمَتِهِ، وَلاَ تَمْتَنِعُ مِنَ الْمُضِیِّ فِیهِ لِغَسَقِ دُجُنَّتِهِ. فَإِذَا أَلْقَتِ الشَّمْسُ قِنَاعَهَا، وَبَدَتْ أَوْضَاحُ نَهَارِهَا، وَدَخَلَ مِنْ إِشْرَاقِ نُورِهَا عَلَی الضِّبَابِ فِی وِجَارِهَا، أَطْبَقَتِ الْأَجْفَانَ عَلَی مَآقِیهَا، وَتَبَلَّغَتْ بِمَا اكْتَسَبَتْهُ مِنَ الْمَعَاشِ فِی ظُلَمِ لَیَالِیهَا. فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اللَّیْلَ لَهَا نَهَاراً وَمَعَاشاً، وَجَعَلَ النَّهَارَ لَهَا سَكَناً وَقَرَاراً! وَجَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا تَعْرُجُ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَی الطَّیَرَانِ، كَأَنَّهَا شَظَایَا الْآذَانِ، غَیْرَ ذَوَاتِ رِیشٍ وَلاَ قَصَبٍ، إِلاَّ أَنَّكَ تَرَی مَوَاضِعَ الْعُرُوقِ بَیِّنَةً أَعْلاَماً. لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا یَرِقَّا فَیَنْشَقَّا، وَلَمْ یَغْلُظَا فَیَثْقُلاَ. تَطِیرُ وَوَلَدُهَا لاَصِقٌ بِهَا لاَجِیٌ إِلَیْهَا، یَقَعُ إِذَا وَقَعَتْ، وَیَرْتَفِعُ إِذَا ارْتَفَعَتْ، لاَیُفَارِقُهَا حَتَّی تَشْتَدَّ أَرْكَانُهُ، وَیَحْمِلَهُ لِلنُّهُوضِ جَنَاحُهُ، وَیَعْرِفَ مَذَاهِبَ عَیْشِهِ، وَمَصَالِحَ نَفْسِهِ. فَسُبْحَانَ الْبَارِیءِ لِكُلِّ شَیْءٍ، عَلَی غَیْرِ مِثَالٍ خَلاَ مِنْ غَیْرِهِ !